النساء وأمراض القلب: ما لم تتوقّعوه

27.11.2014 / نُشر في الطب
מחלות לב בנשים

حاولوا أن تتذكروا فيلما أو مسلسلا تلفزيونياً يصاب فيه شخص بنوبة قلبية. غالبا ما يكون هذا الشخص رجلاً، وغالباً ما يمسك بصدره، وتزوغ عينيه، ثم ينهار، أليس كذلك؟ لهذا السبب يتم اعتبار أمراض القلب مشكلة خاصة بالرجال، إلا أن الواقع مختلف: ففي كل عام تموت في أرجاء العالم 8.6 مليون سيدة بسبب أمراض القلب. بينما عدد النساء اللواتي يتوفين نتيجة أمراض القلب في كل عام، أكبر من الرجال.

صحيح أن الإصابة بأمراض القلب التاجية (مرض في الشرايين التي تنقل الدم إلى عضلة القلب) أكثر انخفاضاً لدى النساء الشابات مقارنة بالذكور الشباب، وأنهنّ يصبن بأمراض القلب التاجية بعد نحو 7 سنوات متأخرات عن سائر الرجال عموماً، ولكن نسب الإصابة بالمرض والوفيات الناتجة عنه في أوساط النساء، أعلى من منسوبها لدى الرجال.

النساء وأمراض القلب- إليكم بعض الحقائق التي يجب أن تهمنا:

  • تقل احتمالية بقاء النساء على قيد الحياة بعد الإصابة بنوبة قلبية. ففي إسرائيل سنة 2013 ، كان عدد النساء اللواتي توفين في غضون شهر بعد نوبة قلبية أعلى بـ 2.5 مرة من الرجال.
  • تعاني النساء المصابات بنوبات قلبية من آثار جانبية أكثر خطورة بما في ذلك السكتة الدماغية وتكرار النوبات القلبية. في إسرائيل في عام 2013 ، مجددا، عانت 14.1٪ من النساء من مثل هذه الآثار الجانبية بينما كانت نسبة الرجال الذين عانوا من هذه الآثار الجانبية 8.4٪ فقط.
  • معدل الوفيات بين النساء بسبب النوبات القلبية أعلى بمقدار 1.5 مرة من معدل الوفيات بين الرجال خلال السنة التي تلي النوبة القلبية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن جزءًا من الاختلاف في المعطيات التي تخص الرجال عن تلك التي تخص النساء يرجع إلى حقيقة أن النساء عادة ما يكنّ أكبر سنًا وأكثر مرضًا عند تعرضهن للنوبة.

ما هو هذا المرض أصلًا؟

تنجم أمراض القلب التاجية عن تراكم الصفائح المتصلبة في شرايين القلب الكبيرة والصغيرة. نتيجة لذلك، يحدث انخفاض في تدفق الدم إلى العضلات مما يؤدي إلى تلف الخلايا وتشكّل ندبة. تحصل النوبة القلبية عند انسداد أحد الشرايين وعدم وصول الدم إلى عضلة القلب.

هناك فروق كبيرة في تطور المرض وعوارضه لدى النساء منها لدى الرجال:

تعاني النساء بشكل أقل من مرض الشريان التاجي الانسدادي كما يظهر في تصوير الأوعية (تصوير الشرايين بأشعة رنتغن بعد الحقن بمحلول غير عاكس للأشعة) ولكن على الرغم من ذلك فإنهن يعانين بشكل متكرر من نقص التروية (إيسخميا) لعضلة القلب. ويفترض أن الأسباب التي تؤدي إلى ذلك هي:

أ. لدى النساء أوعية دموية أضيق.

ب. الاستجابة الالتهابية لدى النساء مختلفة عنها لدى الرجال.

ج. هنالك فوارق في قدرة جسم المرأة على إصلاح الأوعية الدموية المتضررة موضعيا.

د. هنالك استجابة غير سليمة لدى الكثير من النساء، للشرايين التاجية الرئيسية، إلى جانب نشاط غير سليم في الأوعية الدموية الصغيرة.

هل التقاليد هي أمر جيد؟ ليس دائمًا

تعتبر الفحوص التشخيصية التقليدية التي تركز على الكشف عن مرض الشريان التاجي أقل نجاعة لدى النساء منها لدى الرجال. إذ يشكل مرض القلب الإقفاري عند النساء تحديا كبيراً للأطباء في تشخيصه:

فمن ناحية، يمكن أن نرى عدد الأعراض عند النساء أكثر، إلى جانب إعاقات وظيفية أكبر (مثل الضعف، مشاكل الهضم، ومشاكل النوم)، إلى جانب الحاجة الأكبر لتلقي العلاج الطبي، وتوقعات سير المرض لديها تكون أقل جودة منها لدى الرجال، ومن ناحية أخرى ينتشر مرض الشريان التاجي الذي يمكن التدخل طبيا لمعالجته بصورة أقل.

الرجال من المريخ، والنساء من الزُّهرة

حتى لدى حصول نوبة قلبية، فإن الحالة الجسدية لدى النساء تختلف عنها لدى الرجال:

  • تختلف شبكة الأوعية الدموية المتصلبة عند النساء عنها لدى الرجال، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى حصول أحداث طبية مختلفة في الشريان أثناء النوبة.
  • لدى النساء، هنالك نسبة أعلى من النوبات القلبية الناجمة عن الآفات الانسدادية في الشرايين الصغيرة، لا الشرايين الكبيرة. لذلك، لا تملك النساء فرصة التمتع من إصلاح هذه الشرايين بواسطة الدعامات الطبية أو جراحة المجازة (أي جراحة فتح مجرى جانبي للشريان التاجي).

بسبب اختلاف الحالة الجسدية، وأيضا بسبب اختلاف الأعراض المتعلقة بالذبحة الصدرية والنوبات القلبية، لدى النساء:

  • في أغلب الأحيان ، تعاني المرأة المصابة بنوبة قلبية من ألم أو ضيق في الصدر.
  • في بعض الأحيان، تتحدث النساء عن ضيق في الجزء العلوي من الجسم (الذراعين، أو الكتفين، أو الفك، أو الظهر) بدلاً من ألم الصدر المألوف لدى الرجال.
  • يمكن أن تظهر النوبة القلبية لدى المرأة أيضًا من خلال التعب غير المعتاد، أو ضيق التنفس ،أو الغثيان، أو العرق البارد ،أو الدوخة.

إن الأعراض الشائعة بين الرجال، والتي تتمثل في “الذبحة الصدرية أو آلام الصدر المنتشرة باتجاه الذراع اليسرى” أقل شيوعا بين النساء. وغالبا ما تتمثل أعراض الذبحة الصدرية عند النساء في “الضيق، الضغط الحاد، الشعور بالحرقة، الشعور بالامتلاء، أو الوخز الخفيف مثل اللسع”.

إلى جانب ذلك، هنالك أيضا الجانب النفسي: إذ أن نسبة احتمال النساء إلى أن يقررن طلب المساعدة يكون أكثر، وهنّ يقضين وقتا أطول في اتخاذ قرار بشأن طلبهن المساعدة، حينما يشعرن بتوعك.

 في إسرائيل، يزيد متوسط اتخاذ المرأة قرارا بطلب المساعدة بـ 84 دقيقة بعد الرجال. إن هذه الدقائق الحاسمة تكون تكلفتها عالية على حجيرات عضلة القلب.

تشخيص النوبات القلبية لدى النساء: تحدٍّ فريد

إن الأعراض المختلفة، التي لا تعد أعراضا شائعة للنوبة القلبية المعروفة لدى الرجال، تشكل تحديا كبيرا للأطباء لدى قيامهم بتشخيص النوبات القلبية لدى النساء. ففي الكثير من الأحيان لا يتم تشخيص النوبة القلبية: في بحث تم فيه فحص 515 سيدة أصبن بنوبات قلبية حادة، كانت الأعراض التي أبلغت هاتيك النساء عنها: الضعف الشديد، مشاكل النوم، ضيق في التنفس، قلق، ومشاكل في الهضم. وقد أبلغ نحو 78% من النساء على الأقل عن واحد من هذه الأعراض قبل نحو شهر من إصابتهن بالنوبة. فيما أبلغت 30% فقط من النساء عن إصابتهن بذبحة صدرية.

في نحو 60% من الحالات، يكون المظهر الأولي لوجود مرض القلب الإقفاري هو النوبة القلبية أو السكتة القلبية.

إن الأعراض العامّة المذكورة أعلاه، تعني أن النساء أنفسهن لا يربطن هذه الأعراض بأمراض القلب و ا يتوجهن للخضوع للفحص الفوري. إن النساء بأنفسهن، وأحيانا الأطباء أيضا، يفترضن عن طريق الخطأ أن هذه أعراض نفسية أو أعراض سريرية أخرى.

الفوارق بين الرجال والنساء؟ من كان يصدّق!

يخفق النهج الطبي التقليدي، الذي يركّز على الكشف عن اكتشاف تضيّق شرايين القلب، في تشخيص جزء كبير من إصابة النساء بأمراض القلب.

يجب أن نتذكر أن حتى آثار عوامل الخطر التقليدية، مختلفة لدى النساء عنها لدى الرجال، فالاختلافات الكبيرة بين الرجال والنساء تكون واضحة في طريقة التمثيل الغذائي في الجسم، وفي استجابة الجسم للأدوية والعلاجات المختلفة. فمثلا:

  • المرأة المصابة بالسكري أكثر عرضة لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب.
  • المرأة التي تدخن أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية من الرجال بنسبة 25٪ .
  •  تتعرض النساء المصابات بداء السكري لخطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي بثلاثة أضعاف – وهي نسبة خطر أعلى منها لدى الرجال.
  • إن المستويات العالية من الدهون الثلاثية والنسبه المنخفضة من مستويات HDL (الدهون الواقية) تنبئ بخطر أعلى لدى النساء، عنه لدى الرجال.
  • إن التمثيل الغذائي للعديد من أدوية القلب مختلف، فمثلا: يختلف التمثيل الغذائي للأدوية المضادة لاضطراب النبض بين النساء والرجال بصورة واضحة.

إلى جانب ما تقدّم، هناك أيضا عوامل خطر لأمراض قلب، تعد خاصة بالنساء، مثل:

  • سكري الحمل
  • ارتفاع ضغط الدم / تسمم الحمل
  • تكيس المبايض.
  • ولادة طفل يزن أقل من 2.5 كجم أو أكثر من 4 كجم.

إلى جانب ذلك، تعاني النساء من نسبة انتشار أعلى لعوامل الخطر المألوفة، على غرار السكري، الاكتئاب، الحياة الخاملة، وارتفاع ضغط الدم (لمن تتجاوز أعمارهن 65 عاما)

إن عوامل الخطر المذكورة ليست معروفة كفاية لدى أطباء العائلة وأطباء النساء..

لا تمييز بعد اليوم!

لأسباب تاريخية، لم يتم تمثيل النساء بصورة لائقة في الأبحاث السريرية، وهو ما أدى إلى مصاعب إضافية في تحديد هذه الفوارق ودمجها في العلاجات السريرية.

يميل النهج الطبي المقبول حاليا لعلاج عوامل الخطر، والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، إلى دعم التركيز على الوقاية من المخاطر في جميع الأعمار، بدلا من التركيز على الوقاية من المخاطر قصيرة المدى (10 سنوات)، التي كان مقبولا العمل وفقها في السابق. إن تبني مثل هذا التوجه ضروري لوقاية النساء، اللواتي تصبن بصورة عامة بأمراض القلب في أعمار أكبر.

من خلال تصنيف مخاطر الإصابة بأمراض القلب (المخاطر المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية) بوصفها مخاطر عالية أو متوسطة أو منخفضة مدى الحياة، سيكون من الممكن البدء في التدخلات الطبية التي ستكون مفيدة، من أجل مواجهة عوامل الخطر مسبقا. وبهذه الطريقة سيكون من الممكن تشخيص أمراض القلب وعلاجها لدى النساء بطريقة أفضل.

ما الذي بإمكانك عمله؟ أن تتعلمي المزيد عن قلبك وعن عوامل الخطر، وأن تتعلمي كيف يمكن للتغييرات الخفيفة في أسلوب حياتك مثل المشي والتغييرات الطفيفة على الحمية الغذائية، أن تخلق تغييرا كبيرا في فرص إصابتك بمرض القلب.

اترك تعليقاً

TOP