حلقة مفرغة طرفيها الاكتئاب وأمراض القلب

جميعنا يعلم أن المصابات بأمراض القلب يصبن بالاكتئاب أكثر. إلى أي حد؟ كشفت الأبحاث عن أن النساء اللواتي لم يعانين من الاكتئاب أبداً، يعانين من خطر يتمثل في 20% في الإصابة بأعراض الاكتئاب بعد إصابتهن بأمراض القلب. هذه معطيات مثيرة للقلق، خصوصا لأن الاكتئاب لديه تأثير سلبي أيضا على التعافي من مرض القلب.

القصة لا تنتهي هنا. فالاكتئاب يخلق حلقة مفرغة سلبية: فمن تصاب بالاكتئاب معرضة أكثر للإصابة بأمراض القلب، فإن كنت تعانين من مرض الاكتئاب والقلب معا، فإن احتمالات الوفاة سترتفع بنسبة 60%. إن هذه الحلقة المفرغة تتواصل: فإذا أدى الاكتئاب إلى إصابتك بمرض القلب، فإن فرص الشعور بالاكتئاب مجددا ترتفع، وتتكرر. ولهذا ليس من الفراغ أن الأبحاث تظهر بأن من يعانون من الاكتئاب هم في خطر أكبر للإصابة بالنوبات القلبية المتكررة.

ما سبب حصول ذلك؟

لماذا تتسبب أمراض القلب في الاكتئاب؟

توجد عدة تفسيرات محتملة تربط بين أمراض القلب وتزايد فرص الإصابة بالاكتئاب:

1. الشعور بالحزن: إن الشعور بالفقدان تجاه الصحة التي كنت تتمتعين بها، وتضرر شعورك بالقدرة، والشعور بأن عليك التخلي عن أحلامك ومخططاتك الماضية، قد تكون مرتبطة بالشعور بالأسى.
2. تغيير نمط الحياة: ترتبط التغييرات في نمط الحياة بقيود معينة، في علاجات تأهيلية، في المحافظة على نمط تغذية جديد، والذي يشمل أكثر فأكثر تخليا عن المأكولات المفضلة، وإدخال عادات جديدة قد يرتبط بعضها بتعاطي الأدوية المزمنة وغيرها. وكل هذا يتطلب بذلاً للكثير من الطاقة، ومن شأنه أن يجعل الحياة اليومية أقل وضوحاً، وأن يثير القلق، وأن يدفع إلى الشعور بمشاعر غير سارة.
3. التنميط الذاتي: من يصاب بمرض القلب قد يرى نفسه “مريضاً” و “عاجزاً” أو “معرضاً للأذى”. من شأن مرض القلب أيضا أن يضر بشعورك بقيمتك وتصورك لذاتك.

من الجهة الأخرى: لماذا يزيد الشعور بالاكتئاب من مخاطر الإصابة بأمراض القلب؟

تأثيرات الاكتئاب على العادات اليومية الحياتية من شأنها أن تؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على صحة القلب.

1. الإفراط في تناول الطعام وفقا للمشاعر: يميل المصابون بالاكتئاب إلى تناول طعام مشبع بالدهون والسكر والملح أكثر يضر بالجسد. وفي المقابل، فمن شأن الاكتئاب أن يؤدي إلى نقص التغذية وفقدان الشهية. وفي كلتا الحالتين، فإن صحة القلب تتضرر.
2. اضطرابات النوم: يؤدي الاكتئاب إلى اضطرابات متنوعة في النوم، كالكوابيس، والأرق، أو الإفراط في النوم. مثل هذه الظواهر تضر بتوازن الجسم وتؤثر سلبا على صحة القلب.
3. التدخين: يميل بعض المصابين بالاكتئاب إلى التدخين أكثر، على افتراض أن التدخين سيساعدهم في محاربة الاكتئاب. إلى جانب ذلك، فإن من اعتادوا على التدخين ويحاولون الإقلاع عنه قد يعانون من الاكتئاب، ونتيجة لذلك ،فإنهم سيدخنون أكثر.
4. غياب النشاط البدني: يميل من يعانون من الاكتئاب إلى تمرين أجسادهم أقل، وعلى التصرف بصورة سلبية أكثر.
5. عدم تناول الأدوية: يميل من يصابون بالاكتئاب إلى عدم تناول الأدوية بحسب تعليمات الطبيب (أكثر بـ 2.8 ضعفا ممن هم ليسوا مكتئبين). أو ينسون تناول الأدوية (أكثر بضعفين)، أو أولئك الذين يقررون عدم تناول الأدوية (أكثر بـ2.3).
6. التوتر: غالبا ما يرتبط التوتر والقلق بالاكتئاب. وإلى جانب ذلك، فإن للاكتئاب تأثير مباشر على رغبة الإنسان وقدرته بالتحكم في حياته ورعاية نفسه. إن للتوتر النفسي أيضا آثار جسدية تؤثر بصورة مباشرة على صحة قلبه:

أ. يدفع التوتر الجسم إلى إفراز هرمونات على غرار الأدرينالين والنورادرينالين، التي تزيد من الضغط على القلب.

ب. هذه الهرمونات تساعد في خلق “صفائح” من الكولسترول في الأوعية الدموية وسدها.

ج. يعاني من يعانون من الاكتئاب من التهابات في جميع أنحاء الجسد، حيث تسرّع هذه الالتهابات من عملية تصلب الشرايين.

ما الذي يمكن فعله؟ دمج العلاجات

1. العلاج الكلامي: تقديم المشورة النفسية، العلاج النفسي، العلاج السلوكي-المعرفي، جميع هذه العلاجات من شأنها أن تخفف من أعراض الاكتئاب.
2. النشاط البدني: يعد النشاط البدني دواء ممتاز للاكتئاب ولمواجهة أمراض القلب: فهو يحسن من المزاج العام، ويحسن من أداء أعضاء الجسم المختلفة، ويؤثر على الأيض ويساعد الجسم في المجابهة على الجبهتين.
3. العلاج الدوائي: في بعض الأحيان، لا مناص من العلاج الدوائي. يجب الانتباه بصورة كبيرة إلى الملائمة بين الأدوية التي يتناولها المرء في ذات الوقت لعلاج مشاكل القلب.
4. التدخل في خلق بيئة اجتماعية قادرة على تقديم الدعم: في حال لم يكن لدى المريضة شبكة إسناد طبيعية، فيمكن ضمها إلى مجموعات تقديم الدعم للنساء اللواتي يعانين من الاكتئاب أو أمراض القلب. من المقبول الافتراض أن هذه المجموعات تحتوي أيضا على نساء يعانين من كلا المرضين. إن خلق مثل هذه الشبكة الاجتماعية من شأنه أن يساعد في قبول الذات، والتغلب على الشعور بالعار والذنب المترافق بالاكتئاب، والمتاعب الجسدية، وتوفير مساعدة عامة.

تلخيصا، الإصابة بالاكتئاب هي أمر سيء. سواء ترافق الأمر مع الإصابة بأمراض القلب أم لا. هيا إذا: اخرجي من منزلك ومارسي نشاط المشي مع صديقة مقربة. فالحياة جميلة.

مقالات للتوسع في الموضوع:

http://www.hopkinsmedicine.org/heart_vascular_institute/clinical_services/centers_excellence/womens_cardiovascular_health_center/patient_information/health_topics/depression_heart_disease.html

http://www.medicinenet.com/script/main/art.asp?articlekey=21761

http://www.webmd.com/depression/news/20140404/depression-may-be-linked-to-heart-failure